الثلاثاء، 5 فبراير 2013

جنبلاط لـ"المدن": في جعبتي قانون انتخابي


نزح النائب وليد جنبلاط من المختارة. هناك، كثير من الهدوء إلى حد الضجر. جميلة، ليس دائماً. كلّما طالت إقامته فيها ازداد شعوره بالوحدة. في كليمنصو الأجواء أكثر راحة، بيروت التي تفقد رونقها يوماً بعد يوم، تُشعره بشيء من الحياة. هنا العائلة والأصدقاء واللقاءات. هنا السياسة بتفصيلها المُمل بالنسبة له. تحديداً تلك التي لها علاقة بلبنان.
جولاته الكثيرة لم تُغيّر من واقع الحال. هو لا يذهب خلف البحار بحثاً عن قانون انتخابات. زار باريس  الأسبوع المنصرم، سأله الرئيس الفرنسي أسئلة محددة عن الوضع اللبناني، وأجابه. فرنسوا هولاند مُطلع على واقعنا السياسي. أسئلته كلّها لها علاقة باستقرار لبنان، لا بتفاصيل التجاذبات السياسية. تسأله: قانون الانتخابات؟، يقول: من السخافة الحديث عن قانون الانتخاب، أنا لا أتحدث به هنا، لأتحدث به مع هولاند.
في باريس أيضاً، التقى الرئيس سعد الحريري. جلسة هادئة وودية، أقل من ساعة بقليل، تمحور فيها الحديث عن الوضع العام، سوريا على وجه الخصوص. المرور على الواقع اللبناني كان في قانون الانتخابات. رسالة وحيدة أراد إيصالها جنبلاط لمستضيفه: أرفض الأورثوذكسي، ولا أمشي بالخمسين دائرة، ولا أرضى بأن يلغيني أحد.
يحتفظ جنبلاط بالكثير من الودّ للحريري. العلاقة الشخصية متينة، كانت وستبقى، وامتداد الشوف السنّي أساس. الرجل لا يريد الخروج من التنوع الموجود في بيئته تحت أي ظرف. أمّا قانون "المستقبل" المطروح، فلا تعليق عليه. يعود بالحديث إلى علاقته بزعيم "المستقبل". يتحدث عن جرأة الأخير فيما خص الزواج المدني. المعضلة ذاتها التي واجهها رفيق الحريري، يتخطاها سعد اليوم.
يحمل جنبلاط في جعبته اقتراح قانون انتخابي، يرفض الإفصاح عنه: لا أريد طرحه الآن، إن طرحته اليوم سيحترق، هناك وقت، يقول لـ"المدن". لكن، خمسة أشهر تفصلنا عن الانتخابات، أيضاً، يردد: معليش، بكير.
الكيمياء  بينه وبين الأفرقاء المسيحيين على حالها، مفقودة، تحديداً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والجنرال ميشال عون. بنظره هما من خلفية واحدة، وإن اختلفت آرائهم السياسية. من هنا حديثه عن أن لا أحد يلغيه. قبل موضوع "الأرثوذكسي"، كان هناك من يتحدث عن خطيئة تقترفها 14 آذار إن عادت للتحالف مع جنبلاط، فهو غير مضمون. أما الأرثوذكسي نفسه، فحرام لأنه يقضي على البلد.
يقول إنّه يمشي على الحبل، إن وقع يساراً يقولون إنه أصبح في 8 آذار، وإن وقع يميناً، يقولون أنّه عاد إلى 14 آذار. فهل هو في الوسط؟ يجيب: ليس هناك من وسطية. لا يذكر الرئيس نجيب ميقاتي كثيراً، أمّا الرئيس سليمان فهو "يحاول أن يصمد، ويحافظ على الاستقرار، هو يلعب دوراً وطنياً، وليس فئوياً". الرئيس نبيه بري، على عادته، الصديق والحليف العتيق.
في معرض حديثه عن واقعه السياسي، ودوره المحوري بين 8 و14، وتحديداً في مجلس النوّاب، يقول جنبلاط: من أيام كمال جنبلاط لم يحصل الحزب على هذا الدور. يحسدوننا عليه ويريدون أن يلغوا الاختلاف، أو كل من هو خارج الانقسام نسبياً. يضيف: لديّ سبعة نوّاب أريد الحفاظ عليهم. النوّاب الذين تركوه منذ عامين حين اختار ميقاتي للحكومة ليسوا معه ، يعدّهم بالأسماء، ويقول: "بالتأكيد ليسوا معي". لا أنصاف حلول بالنسبة له.
تقلقه عرسال، وتُقلقه الفتنة. الالتفاف حول الجيش لا يلغي رفض لغة الانتقام من "مدينة المقاومين والمناضلين"، يقول، ويضيف: محاولة زجها بمواجهة مع الجيش ترمي لضرب الاستقرار، وهذا مرفوض.
من عرسال المحاذية للحدود الشرقية، يدخل جنبلاط إلى الملف السوري، شغله الشاغل هذه الأيّام. يقول: تركوا الشعب السوري وحيداً، يريدون أن تحترق سوريا. يضيف: قلت لوزير الخارجية الروسي حين التقيته إن سوريا ذاهبة إلى دمار والحرب الأهلية، رد قائلاً، بشار لن يترك سوريا. بعد هكذا جواب، ماذا يُمكن أن أقول. وصلت الرسالة. يضيف: الروس اعتبروا أن الأميركيين أخلّوا باتفاق جنيف، وبالتالي عادت الأمور إلى نقطة الصفر.
اليوم، لا يخفي جنبلاط إعجابه برئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب. بنظره، "الرجل صادق، ومبادرته ممتازة لمحاولة كسر هذا التخلّي الدولي عن الشعب السوري". لا يرى أن سقف مبادرة الأخير منخفض، ففي هكذا ظروف، ما طرحه الرجل أكثر من واقعي، إطلاق المعتقلين ومحاسبة من قتل.
يُدرك جنبلاط حجم التواطؤ العربي والدولي على سوريا. أصدقاء الشعب السوري أين هم؟ يسأل. يتابع انتقاده لما جرى ويجري، يقول: يعارضون توحيد الجيش الحر، الأموال تذهب إلى مجموعات إسلامية لم يكن لها أي وجود، السلاح أيضاً. مع هذا المشهد ماذا يُمكن أن نقول؟
كل هذا الكلام، لا يلغي نظرة جنبلاط إلى النظام السوري، إلى رأس هرمه. يقول: لا يعرف سوى القتل والدمار، أكثر من 60 ألف شهيد، أجمل مدينة في العالم، حلب، دُمرت. وها هو يجول بطائراته على ما تبقى من سوريا من دون رادع. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق