الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

جنبلاط المنتصر الوحيد في الحكومة، ميقاتي وعون يصرفان من غيب .. "حزب الله"



كتب أيمن شروف
تجتمع حكومة "حزب الله" في الساعات المقبلة لبحث خطة الوزير جبران باسيل للكهرباء. الواضح أن محاولات كل فرقاء 8 آذار، إضافة إلى من يُسمّون بالوسطيين، لم تنجح في إقناع "الصهر" بحل وسط لتمرير الخطة. هذا أمر طبيعي، فكيف بهم أن يُقنعوا مدعي "التغيير والاصلاح" بالعدول عن الاستفادة من 1200 مليون دولار، في وقت لم يرض هؤلاء بحكم القضاء العسكري على أحد قيادييهم بالعمالة لاسرائيل!؟ 

على أي حال، بغضّ النظر عمّا سيفضي إليه اجتماع الحكومة، لا بد من تسجيل جملة من الملاحظات، التي توحي، بل تؤكد العُقم الضارب في جذور هذه التشكيلة الوزارية. يقول سياسي "عتيق"، قبل أن يُفنّد واقع كل من هو على طاولة مجلس الوزراء:
أولاً، هناك من هو على قناعة بأن دخوله إلى هذه الحكومة بهذه الطريقة "المضخمة"، يستوجب الاستفادة قدر المستطاع من هذه الظروف التي لن تتكرر بعد اليوم؛ هذا هو واقع "التيار العوني" الذي يستعجل كل شيء، ليقبض سريعاً قبل حصول أي متغير قادم لا محالة. 

ثانياً، الرئيس نجيب ميقاتي ثبت بما لا يقبل الشك أنّه تحوّل من باحث عن زعامة إلى مدافع عن الحد الأدنى من وجوده السياسي، فهو يتلقى السهام من كل الجهات، حتى من "حزب الله"، ويُدرك أن من أتى به، أي النظام السوري لم يعد ذلك المارد الذي يستطيع حمايته.
قد يكون النظام في دمشق اليوم، غير قادر على القيام بأي شيء تجاه من أتى به ليكون الخاصرة التي تدعمه في عزّ مرحلة تخبّطه، فضلاً عن كون البيئة التي ينتمي إليها ميقاتي، أي طرابلس، وصلت إلى مرحلة لم تعد بعدها قادرة على احتمال أي استفزاز من قبل "إبن البيت"، لا سيما وأن هذه المدينة هي أكثر المتضامنين مع الشعب السوري، وليس مع "الطاغية"، على غرار رئيس الحكومة. 

ثالثاً، رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي ارتضى دخول انقلاب "حزب الله"، خسر في هذه التجربة كل ما بقي لديه، فهو فقد وجوده الفاعل الذي كان في الحكومة السابقة، وتاه بين قوى لا تقيم اعتباراً لدوره.
في الحكومة الماضية التي كان يرأسها سعد الحريري، كان الرئيس سليمان يتمتع بالحد الأدنى من الوجود السياسي والمعنوي، فلم يكن من شاردة أو واردة إلا ويكون فيها سليمان شريكاً بالقرار وأحياناً صانعه، أما اليوم فهو لا حول له ولا قوة إلا بمحاولة تقريب وجهات نظر متباعدة، حفاظاً على حكومة ولدت ميّتة وساهمت في أبعادها، بإعدام كل فرصة للرئيس كي يُثبت وجوده من اليوم ولغاية عام 2013. 

رابعاً، هناك مجموعات، أُرضيت في الحكومة الجديدة، وذُوّبت في الأحجام الكبيرة. هذه المجموعات يترقب بعضها ما يحصل في دمشق ليبني على الشيء مقتضاه، وبعضها الآخر بدأ يُفكّر ملياً في مصيره بعد ذهاب القائد الخالد. هذا التفكير لا يعني بتاتاً العودة إلى العقل وإلى تفضيل المصلحة والوحدة الوطنية على ما عداهما. 

خامساً، "حزب الله". ما يقوم به العونيون في ملف الكهرباء وفي ما يخص العميل العميد، لا يوحي بقوّة "التيار الوطني الحر" بقدر ما يوحي بضعفٍ بدأ يضرب في جسم الحزب. ضعف جعل حليفه المسيحي الأوّل، يستقوي بما ليس لديه، ولا بد من التأكيد أن في "ماورائيات" سياسة التيار، قناعة بعدم قدرة الحزب على معارضتهم لحاجته إليهم.
والحزب أيضاً، يعاني الأمرّين من الرئيس ميقاتي الذي يسعى إلى الحد من خسارته، فيضرب بعرض الحائط ما يريده منه الحزب. موضوع تمويل المحكمة الدولية ليس موضوعاً عابراً، فهو يُعبّر أيضاً عن تفكير ميقاتيّ مشابه للتفكير العونيّ.
ينتهي السياسي من تفنيده، ليخلص إلى القول: بين هذا وذاك، يقف الحزب متأمّلاً ما يحدث من متغيرات حوله، وتحديداً في سوريا، فهو بعد الموقف الإيراني الملتبس، حاول الابتعاد عن الغوص في الدفاع عن نظام يقتل شعبه، ثُمّ ما لبث أن عاد إلى فعل "الغوص" مجدداً. يُفكّر ملياً ولا يجد إلى الحل الأنسب سبيلاً. حلفاؤه يحاربونه بالـ"أملية" ليكسبوا من حساب يدفعه هو؛ وعلى ما يبدو هو ليس في وارد العودة إلى الوراء، على الرغم من يقينه بأن الأمور لا تجري أبداً في مصلحته، يُصرّ الحزب على الذهاب عكس مجرى الأحداث. 

أخيراً والأهم، بحسب ما يقول السياسي: في كل هذه التركيبة الحكومية، وحده النائب وليد جنبلاط، عرف كيف يدير معركته على مهل وبتأنٍّ، فكان له أن أصبح اليوم بيضة القبان؛ الجميع يريده وهو غير مستعد لإرضاء أحد، في انتظار "مُتغيرٍ" ينتظره أكثر من غيره، وهو العليم بواقع المتغيرات، ويدير دفّته السياسية وفقاً لها.

link: http://www.almustaqbal.com/storiesv4.aspx?storyid=484346

الخميس، 1 سبتمبر 2011

سفير نظام!

بقلم أيمن شروف

بعيداً عن « أوهام » الحكومة الميقاتية وضياع رئيسها، وعن تقديس « حزب الله » للمتهمين الأربعة، يُطلّ السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم، ليقول ما طاب له من فنّ التسويف، وعبارات الاتهام، وكلام التحريض، والدعوات المفضوحة لتفعيل مشاركة لبنان الرسمي بما يجري في سوريا.
فهو، يريد الاقتصاص من مهربي السلاح المزعومين، ومن كل من يتضامن مع القتيل في مواجهة القاتل، وفي النهاية، يعود إلى أسطوانة الممانعة البالية: سوريا ستنتصر، ومعها سينتصر كل الحلفاء، ذوي الالتزام « الأخلاقي » مع النظام اللا أخلاقي.
من يستمع إلى سعادة السفير، لا بد له من أن يتوقف أمام كل ما يقوله، ويراجعه من ألفه إلى يائه، ليكتشف أن هذا الكلام لم يكن ليكون بعد العام 2005، لولا الواقع الذي فرضه « حزب الله » ومن معه على لبنان لا أكثر ولا أقل، فإرهاب السلاح « المقاوم » و »الممانع »، فتح الأبواب أمام انتكاسات كثيرة، وعلى الصعد كافة، ليس أقلّها إخضاع كل مختلف، لإرادة الحزب وبالطبع في هذا الوقت تحديداً. فعل الإخضاع هذا يتم ويُمارس على كل من يعارض ما يحصل من مجازر بحق الشعب السوري.
هذا بالتحديد ما يستند إليه السفير عبد الكريم كي يقول ما يقوله، فهو يعلم جيداً أنه بعد العام 2005، لم يعد للبعث اليد الطولى في الدولة ولا لـ »القومي » ولا لأي تنظيم مرتبط عضوياً بالنظام السوري أي تأثير فعلي، ويعلم أيضاً أن الحزب وحده من يؤمّن له التغطية المناسبة ليقول ما يحلو له، ويُنصّب نفسه ولياً على اللبنانيين ودولتهم ومؤسساتهم.
قبل هذا الحديث، كان سفير « النظام » يُتابع من مبنى سفارة نظامه، ما يقوم به شبيحته في لبنان من تعدٍ صارخ على كل ما يمت لحرية التعبير بصلة. ذلك أنّ « العقل الأحادي » الذي ينتمي إليه عبد الكريم، لا يحتمل، كما « حزب الله » ومن معه، أي فعل، يمسّ حياء نظام انتهك كل حياء، وجعل من سوريا ساحة لتلقين « أنظمة » الحزب الواحد كيفية التعامل مع المطالبين بالتحرر.
أضف إلى ذلك، أن ما قاله سفير النظام السوري، يبقى برسم من يتربعون على السلطة في لبنان اليوم، فهو يرسم من جديد خطة طريق لهم حول ما هو مطلوب منهم، وفي ذلك تطور نوعي، يُعبر في مكان ما عن العقم السوري وعن الخضوع اللبناني، إذ إن الرسائل السياسية التي كان يُعمّمها بشار الأسد سابقاً أو بالحد الأدنى فاروق الشرع، أصبح يقول بها ناطق برتبة سفير.
أما خريطة الطريق التي تتحدث عن التحقيقات بما يسمى تهريب السلاح، والتحرك لوقف التحريض على المؤامرة ضد النظام، فهي تطرح علامات استفهام حقيقية تبقى برسم بعبدا والسرايا، وهما بالطبع لن يُعلّقا على هذا التعدي السافر على سيادة الدولة.
يُمكن للمرء القول ان من يقبض على إرادة « المسؤولين » في لبنان، يتحكم بكل مفصل من مفاصل الدولة. وبالتالي كل معزوفة ينطق بها مثلاً الرئيس نجيب ميقاتي عن أهمية تحييد لبنان، سقطت. فيما رئيس البلاد لا يقول شيئاً، بل يحصر اهتمامه في تقريب وجهات نظر من على طاولة ميقاتي، في الطاقة أو في أمر ثانوي، لا يهمّ.
حري باللبنانيين اليوم، الوقوف ملياً أمام هذا الواقع. حري بهم أيضاً أن ينظروا إلى أبعد من مجرد كلام يصدر عن سفير. المطلوب في هذه الحالة، ربط هذا الكلام مع سببه، مع حاميه، مع مرجعية مُطلقه، والتمعّن بما يستند إليه، لتأكيد واقع يقول بأن لا خلاص للبنانيين يأتي من خارج الحدود، بل الأجدى أن يبدأ البحث عن خلاص داخلي ينطلق من الداخل ويعانق « متغيرات » و »انتصارات » الخارج.
يبقى، أنه إكراماً لما تبقى في نفوس اللبنانيين من إنسانية، واحتراماً للدماء التي تسيل في شوارع حماه ودير الزور وحمص وغيرها، أن يقال لعبد الكريم، أنّه سفير نظام، لا سفير سوريا وشعبها



شكراً ... بشار الأسد

بقلم أيمن شروف 
 
الكل استمع وتابع بدقة واهتمام العفو الرئاسي الذي اصدره الرئيس السوري بشار الأسد عن "المحكومين" في سوريا والصادرة بحقهم "احكاما"، سياسية كانت ام جرمية.

هذه الخطوة التي أتت للتبشر بـ"مسيرة الاصلاح" التي يقودها الأسد في بلاده، انعكست في بيروت طمأنينة وفرحاً لدى حلفاء "البعث". هلّلوا لإنجازات لم تبدأ، ولحوار على دماء السوريين، ولخريف مظلم يتجدد بمرسوم.

أما بعد، وبصفتي "شاهد زور" حُشر مع كثيرين في رحلة تصفية حسابات أرادتها قوى "8 آذار" و"البعث" في وجه كل من قال "لا" لزمن رثٍ ألغى بلداً، وهمّش شعباً بكل هواجسه. بهذه الصفة، وبغض النظر عمّا إذا كان "عفوه" يشمل "المزورين" أمثالي أم لا. أريد أن أتوجه الى الرئيس الأسد، "قائد الممانعة وراعي المقاومة"، بمجموعة من الحقائق، تعبر عن شكري لرحابة صدره وقدرته اللامتناهية على "العفو" عمّن ارتكب بحقه وبحق نظامه أبشع الجرائم. في مقدمها "الكلمة الحرة".

أوّل الغيث، الشكر:

لطالما ساورني في "حقيقتي" وفي "غيبي" أنني اتطاول على شخصية، تستطيع برمشة عين أن تحوّل البلاد والعباد الى بيادق، مهمّتها إراقة الدماء. فعل الإراقة ليس مرتبطاً بالواقع. إنه الوجود بحد ذاته.

شكراً أيها القائد لأنني اخطأت في المواجهة. لقد قررت ان اكون حراً، فاكتشفت أنني مستزلم لنظام يريد لهذا الوطن "الصغير" أن يكون تابعاً، لا بل أن يكون جسراً. ليس بطريقة الفلسطينيين.

شكراً أيها الرئيس، لأنني اعتقدت أنّ الحرية كلمة تنطقها الشعوب المتحضرة، وجعلتني اتأكد ان هذه الحرية، لا وجود لها في عالم عربي متخاذل.

شكراً، لأنني كنت وبعض زملائي في تهمة "التزوير"، نعتبر سمير قصير رمزاً لخروجنا من نفق الظلام. اكتشفنا اننا كنا زمرة من المنحرفين الضالين عن هدى النظام وإرشاداته في الطريق الى فلسطين.

شكراً، لأنك (أيها الرئيس) جعلتنا ندرك ان دماء الأحرار ليست سوى الطريق الوحيد للولوج الى حكم الحزب الواحد والشخص الواحد بكل ما في ذلك من "كاريزما" كاريكاتورية.

شكراً سيد العباد لأنك وضعتنا في مصافي حمزة الخطيب، في خانة الطفولة المسلوخة عن منطق. أردتنا أن نكون أطفال المستقبل، وليس في مستقبلك سوى دماء حمزة ومن آمن بحمزة.. سبيلاً للخلاص. بعيداً عن "خُدام" العرش والنظام.

شكراً، أيها الرئيس. لقد أكدت لنا أن أزلام نظامك، أسخف من أن يعلّق عليهم أحد. أزلام ليسوا سوى "تابعين" لمن عفا عليه الزمن. عفا على وجوده في رأس الهرم. أما حضوره وسطوته، فللبحث صلة.

شكراً، أيها الرئيس. شكراً لأزلام الرئيس، لقد آمنت بأن الوصاية كانت عرفاً وبأن لبنان الكبير ليس سوى مهزلة، مقارنة بتلك المساحة الخضراء التي تنسجها خيوط "البعث" وما أدراني ما هو "البعث".

وشكراً، وصيحات الاعتزاز بقرارك الحكيم لا ترقى الى أوتار صوتي. أريد ان أصيح ابتهاجاً. لا ضرورة لكتاباتي بعد اليوم. لا قيمة لكلامي. عفوك طال كل حدود ابتهالاتي وفرحي بمغفرتك.

شكراً يا سيدي. طموحي كان أن أرقى بوطني فوق حدود جميل السيد، فإذ بي أرى وطني يختزله "مالك" الوصاية والقابض على فكر كل من أراد أن يكون مستقلاً. عذراً على الإرادة.

سيدي الرئيس، دخلت حلقة التآمر من بابها الواسع. عبدك المأمور ومعه زملاء كعمر حرقوص وعبد السلام موسى أخطأنا لأننا تحدثنا عن "أزلامك"، فما أنت إلا غفور رحيم. عبادك مُمتنّون وبأحكامك "منتعشون".

حين صدرت مذكرات التوقيف، حسبت أنني أصارع القدر. أتطاول على "إله". اليوم سيدي الرئيس. أحسبني أصارع الوهم. أنا العبد المخلوع من فوق أقواس الحرية، تآمرت عليك.. فعذراً لأنني متآمر.. أنا المدسوس بوجه الممانعة. أعتذر لأني اعتقدت أنني أمعن من أولئك الذين يكتبون من خلف "أقوالهم". عاش الملك.

سيدي، أنت الملك ونحن أحجار باستطاعتها ان تقول: مات الشاه. سيدي وروحي بيده، كل ما آمله أن تبلغ اللواء جميل السيد أنك عفوت عنا، حتى يصفح هو.

وإلى هذه وذيك، فأنا لم أتدخل ولم أقارب قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلا من باب المهنية، ولم يستدعني أحد للإدلاء بشهادتي. واني فخور جداً بما قمت به فقد أضاء للبنانيين بعضاً من دروب الحقيقة، التي تعلمها جيّداً.

ويبقى الشكر الكبير لأنّك جعلتني أتعرّف إلى شعب شوّهت صورته أمامي لعقود. شعب يواجه الرصاص بغصن الزيتون، ويمضي ليكسر جدران سجنك الكبير نحو ربيع سيزهر ولو بعد حين.